12 - 05 - 2025

مؤشرات| صم وبكم في الحروب جريمة انسانية

مؤشرات| صم وبكم في الحروب جريمة انسانية

قضية خطيرة بل جريمة في حق الإنسانية ترتكبها حاليا العديد من الميليشات المتحاربة، خصوصا تلك التي تحمل سمات إرهابية في منطقتنا العربية، ومنها ما يجري في ليبيا، والمتمثلة في استخدام "ذوي الاحتياجات الخاصة"، خصوصا من الصم والبكم في الحروب الدائرة بين طوائف من الشعب، ومنها من يحارب الجيوش النظامية من تلك الجماعات المتطرفة، والمنحرفة دينيا.

الأمر لا يجب أن يمر مرور الكرام هكذا، سواء من المنظمات الدولية والإقيليمة والمحلية المدافعة عن حقوق الإنسان والحريات، ولا حتى من المؤسسات الحكومية، ولا الجامعة العربية، ولا حتى من الأمم المتحدة، ومن يتجاهل هذاولا يعير انتباها له، نعتبره شريكا في الجريمة، فالصمت يعني الموافقة والدعم لمثل تلك الجرائم، واستمرارها والتوسع فيها، ويعني أنهار دماء لفئة ربما لا تدرك حقيقة ما يجري.

بل هذا يعتبر مخالفا لكل الشرائع السماوية، التي رفعت التكليف عن هذه الفئات في الكثير من الأمور، بل حتى في العبادات، فكيف إذن يأتي من يزج بهم في حروب ومعارك لا ناقة ولا جمل لهم فيها.

القضية جد خطيرة، فقد خرج عضو مجلس النواب الليبي، زايد هدية، ليعلن أن حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج تتحمل مسؤولية استخدام مليشيات مصراتة "لذوي الاحتياجات الخاصة" في المعارك مع الجيش الوطني الليبي لعرقلة تحرير طرابلس، واصفا بأنها جريمة تقشعر لها الأبدان، كما أن زج المليشيات التابعة لحكومة الوفاق في مصراتة بمقاتلين من الصم والبكم في أتون المعارك، جريمة جديدة تضاف لسجل المليشيات المسلحة، حتى وإن كان الهدف عرقلة تحرير طرابلس.

ومهما كان العدد المستخدم كبيرا أو صغيرا، فإن وجود مقاتلين من فئات ذوي الإحتياجات الخاصة خصوصا "الصم والبكم"، قضية في منتهي الخطورة، فالنائب الليبي، قدر عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في صفوف مليشيا مصراتة بنحو 86 شخصا، بل أنها دعما من رجال أعمال في مصراتة، ودفعت بهم الكتائب للصفوف الأولى في المعارك

وانتشرت استخدام ذوي الإحتياجات الخاصة في المعارك الليبية على شبكات التواصل الإجتماعي، حيث تداول نشطاء ليبيون عبر "فيسبوك" مقطع فيديو يبرز قتال مليشيا لـ"الصم والبكم" ضمن صفوف مليشيات مصراتة، مؤكدين أن حكومة الوفاق برئاسة السراج تدفع بذوي الاحتياجات الخاصة لأتون المعارك لعرقلة تقدم قوات الجيش الوطني الليبي

التفسير الطبيعي والذي يتفق عليه الجميع أن الدفع بمسلحين من "الصم والبكم" يهدف لاستخدامهم دروعا للمليشيات، ولاستخدام الأسلحة الثقيلة لأنهم لا يتضررون من الأصوات العنيفة للقذائف أو الأسلحة، لكن يمكن أن يروا الدخان أو اللهب من مسدسه، فضلا عن عدم قدرته على الحديث وينفذ التعليمات التي يتلقونها من مترجم بالإشارة، باستغلال ضعفهم وقلة حيلتهم.

البعض يشير إلى أن الزج بمليشيا "الصم والبكم" هو إهدار لكافة حقوق الإنسان، وخصوصا هذه الفئات التي غالبا هي مغلوب على أمرها، مهما قيل من تحليلات بأنها لا تواجه أي معوقات أو مشكلات مع الأسلحة الثقيلة، أنهم يتمتعون بشجاعة كبيرة في المعارك العنيفة وليس لديهم أي مشكلة مع الضوضاء أو الضجيج الذي تحدثه الأسلحة الثقيلة

ووجود الصم والبكم بين المليشيات المسلحة في ليبيا ليس وليد هذه الفترة، بل له تاريخ، فقد شكل عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة مليشيا لـ"الصم والبكم" في مدينة مصراتة خلال أحداث 17 فبراير 2011، وذلك بسبب تهميشهم من الكتائب المسلحة التي تشكلت في مصراتة لإسقاط نظام معمر القذافي، كما أن هناك معلومات تشير إلى أن مليشيا "الصم والبكم" تمتلك مقرا خاصا بها في مصراتة، وتتلقى دعما ماليا ولوجيستيا من رجال أعمال في المدينة، ويزج بهم في المعارك في مخالفة صريحة لحقوق الإنسان.

المؤكد أن الصراع السياسي بين والأطماع وراء أصحاب المال والنفوذ للزج بهؤلاء في تلك المعارك، بغض النظر عن الضحايا منهم، وهو ما يتطلب وقفة جادة من كل المؤسسات الدولية والإقليمية والعربية لوقف هذه الجريمة التي سيحاسب عليها الجميع يوما ما.
-------------------------
بقلم: محمود الحضري

مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | ثقوب مميتة من حادث غاز الواحات والبنزين المغشوش